يحكى أنه كان هناك ثلاثة رجال يفكرون كثيراً فى كيفية حماية لسانهم من الزلل, و كيف يضمنون
صواب كلماتهم و تأثيرها. و بينما هم يفكرون، أقبل عليهم ملاك من السماء قائلاً:
"لقد سر الله بكم و أنتم تفكرون فى أمر كهذا و أرسلنى لأرى ماذا يطلب كل واحد منكم"
. ثم إتجه الملاك إلى الأول بسؤاله: "ماذا تريد أن يعطيك الله؟" فأجاب الأول: إنى أخطىء كثيراً فى كلامى
، لذلك أريد فماً مغلقاً. أعرف إنى سوف أخسر الكثير من الكلام الجيد الذى يمكن أن أقوله،
لكنى سأضمن إنى لن أخطىء فى الكلام." و هكذا فعل له الملاك، فأعطاه فماً مغلقاً لا ينطق
، فعاش طول عمره أخرساً، لا يخطىء فى الكلام، و لكنه لا يتكلم أيضاً بما يفيد.
ثم إتجه الملاك إلى الثانى بذات السؤال: فجاوبه قائلاً: "أعطنى ذهناً متقداً بالذكاء،
و بذلك سوف يقى ذكاء ذهنى لسانى من الزلل، و سأعرف أن أميز بين المفيد و المضر من الكلام
و كان له هذا فأعطاه الملاك ذهناً متقداً بالذكاء، و كان يميز بين المفيد من الكلام و الضار بذلك الذهن المتقد ذكاءً،
إلا أن مشاعره و أحاسيسه كانت تغلبه أحياناً، فينطق بما لا يريد أن ينطق، و يقول ما يعرف أنه ضار
، لقد كان ذهنه يميز بين المفيد و الضار، أما إرادته كانت تغلبه أحياناً.
و أخيراً جاء الملاك للثالث بذات السؤال, لم يجيب الثالث على الفور و لكنه فتح الكتاب المقدس
على إنجيل القديس متى و الاصحاح الثانى عشر و عدد 34 و قرأ بصوت عالى " فإنه من فضلة القلب يتكلم اللسان"
ثم بدأ يوجه كلامه للملاك قائلاً: "أعطنى قلباً .... أعطنى قلباً مرضياً لدى الله." و بذلك لن أخشى الزلل فى الكلام,
و لن أفكر كثيراً قبل أن أنطق. فقلبى الطاهر سيضمن لى أن أخرج كلمات نقية فى وقتها الصحيح.
" و قد أعطاه الملاك ما طلبه, فعاش سعيداً هانئاً. و يحكى أن ذلك الشخص لم يخطىء فى كلامه أبداً،
بل كان كل كلامه كلام حكمة، و كان بلسم لكل متألم، و تشجيع لكل ضعيف، و قد كانت أحلى كلماته تلك التى يترنم بها،
هى تلك التى يقرأها فى الكتاب المقدس. فكان فى كل صباح تجده يترنم قائلاً:
" قلباً نقياً إخلق فى يا الله و روحاً مستقيماً جدد فى أحشائى". فأطلب من الله الآن : " أعطنى قلباً"
"فوق كل تحفظ إحفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة"